المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الإمام الحسين ( عليه السلام ) يوم عاشوراء


الحوراء
11-09-2013, 12:37 PM
خطبة الإمام الحسين ( عليه السلام ) الأولى يوم عاشوراء
بعد أن صفّ ابن سعد جيشه للحرب ، دعا الإمام الحسين ( عليه السلام ) براحلته فركبها ، ونادى بصوت عال يسمعه جلّهم :

( أيّها الناس اسمعوا قولي ، ولا تعجلوا حتّى أعظكم بما هو حق لكم عليَّ ، وحتّى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم ، فإن قبلتهم عذري ، وصدّقتم قولي ، وأعطيتموني النصف من أنفسكم ، كنتم بذلك أسعد ، ولم يكن لكم عليّ سبيل ، وإن لم تقبلوا منّي العذر ، ولم تعطوني النصف من أنفسكم ، فاجمعوا أمركم وشركاءكم ، ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّة ، ثم اقضوا إليّ ولا تنظرون ، إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولّى الصالحين ) .

فلمّا سمعت النساء هذا منه صحن وبكين ، وارتفعت أصواتهن ، فأرسل إليهن أخاه العباس ، وابنه علياً الأكبر ، وقال لهما : ( سكتاهن ، فلعمري ليكثر بكاؤهن ) .
ولمّا سكتن ، حمد الله وأثنى عليه ، وصلى على محمّد وعلى الملائكة والأنبياء ، وقال في ذلك ما لا يحصى ذكره ، ولم يسمع متكلم قبله ولا بعده أبلغ منه في منطقه ، ثمّ قال :

( الحمد لله الذي خلق الدنيا ، فجعلها دار فناء وزوال ، متصرّفة بأهلها حالاً بعد حال ، فالمغرور من غرته ، والشقي من فتنته ، فلا تغرنّكم هذه الدنيا ، فإنّها تقطع رجاء من ركن إليها ، وتخيب طمع من طمع فيها ، وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم ، وأعرض بوجهه الكريم عنكم ، وأحلّ بكم نقمته ، وجنبكم رحمته ، فنعم الرب ربّنا ، وبئس العبيد أنتم .

أقررتم بالطاعة ، وآمنتم بالرسول محمّد ( صلى الله عليه وآله ) ، ثمّ إنّكم زحفتم إلى ذرّيته وعترته تريدون قتلهم ، لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم ، فتباً لكم ولما تريدون ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم ، فبعداً للقوم الظالمين .

أيها الناس : انسبوني من أنا ، ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها ، وانظروا هل يحل لكم قتلي ، وانتهاك حرمتي ، ألست ابن بنت نبيكم ، وابن وصيه وابن عمّه ، وأوّل المؤمنين بالله ، والمصدّق لرسوله بما جاء من عند ربّه ؟

أو ليس حمزة سيّد الشهداء عم أبي؟ أو ليس جعفر الطيار عمّي ؟

أو لم يبلغكم قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لي ولأخي : ( هذان سيّدا شباب أهل الجنّة ) ، فإن صدّقتموني بما أقول وهو الحق ، والله ما تعمّدت الكذب منذ علمت ، أنّ الله يمقت عليه أهله ، ويضرّ به من اختلقه ، وإن كذّبتموني ، فإنّ فيكم من أن سألتموه عن ذلك أخبركم ، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري ، وأبا سعيد الخدري ، وسهل بن سعد الساعدي ، وزيد بن أرقم ، وأنس بن مالك ، يخبرونكم أنّهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لي ولأخي ، أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي ؟ ) .

فقال الشمر : هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما يقول .

فقال له حبيب بن مظاهر : والله إنّي أراك تعبد الله على سبعين حرفاً ، وأنا أشهد أنّك صادق ما تدري ما يقول ، قد طبع الله على قلبك .

ثمّ قال الحسين ( عليه السلام ) : ( إن كنتم في شك من هذا القول ، أفتشكّون فيّ أنّي ابن بنت نبيكم ؟ فو الله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ، ولا في غيركم ، ويحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته ؟ أو مال لكم استهلكته ؟ أو بقصاص جراحة ؟ ) .

فأخذوا لا يكلّمونه ، فنادى ( عليه السلام ) : ( يا شبث بن ربعي ، ويا حجار بن أبجر ، ويا قيس بن الأشعث ، ويا زيد بن الحارث ، ألم تكتبوا إليّ أن أقدم ، قد أينعت الثمار ، واخضرّ الجناب ، وإنّما تقدم على جند لك مجنّدة ؟ ) .

فقالوا : لم نفعل .

فقال ( عليه السلام ) : ( سبحان الله ، بلى والله لقد فعلتم ) .

ثمّ قال ( عليه السلام ) : ( أيها الناس : إذا كرهتموني فدعوني انصرف عنكم إلى مأمن من الأرض ) .

فقال له قيس بن الأشعث : أو لا تنزل على حكم بني عمّك ؟ فإنّهم لن يروك إلاّ ما تحب ، ولن يصل إليك منهم مكروه ؟

فقال ( عليه السلام ) : ( أنت أخو أخيك ، أتريد أن يطلبك بنو هاشم أكثر من دم مسلم بن عقيل ، لا والله ، لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أفرّ فرار العبيد ، عباد الله إني عذت بربّي وبربّكم إن ترجمون ، أعوذ بربّي وربّكم من كل متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب ) .


خطبة الإمام الحسين ( عليه السلام ) الثانية يوم عاشوراء
بعد أن خطب الإمام الحسين ( عليه السلام ) خطبته الأولى ، بجيش عمر بن سعد يوم العاشر من المحرّم ، خطب عليهم ثانية لإلقاء الحجّة ، بعدما أخذ مصحفاً ونشره على رأسه ، فقال : ( يا قوم إنّ بيني وبينكم كتاب الله وسنّة جدّي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ) ، ثمّ استشهدهم عن نفسه المقدّسة ، وما عليه من سيف النبي ودرعه وعمامته ، فأجابوه بالتصديق .

فسألهم عمّا أقدمهم على قتله ؟ قالوا : طاعةً للأمير عبيد الله بن زياد .

فقال ( عليه السلام ) : ( تبّاً لكم أيّتها الجماعة وترحاً ، أحين استصرختمونا والهِين ، فأصرخناكم موجفين ، سَللتم علينا سيفاً لنا في أيمانكم ، وحششتم علينا ناراً اقتدحناها على عدوّنا وعدوّكم ، فأصبحتم إلْباً لأعدائكم على أوليائكم ، بغير عدل أفشوه فيكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم ، فهلاّ لكم الويلات تركتمونا ، والسيف مشيم ، والجأش طامن ، والرأي لما يستحصف ، ولكن أسرعتم إليها كطيرة الدَّبا ، وتداعيتم إليها كتهافت الفراش ، ثمّ نقضتموها ، فسُحقاً لكم يا عبيد الأمّة ، وشذاذ الأحزاب ، ونبذة الكتاب ، ومحرّفي الكلم ، وعصبة الإثم ، ونفثة الشيطان ، ومطفئي السنن .

ويحكم أهؤلاء تعضدون ، وعنا تتخاذلون ، أجَلْ والله غدرٌ فيكم قديم ، وشجت عليه أُصولكم ، وتأزرت فروعكم ، فكنتم أخبث ثمر شجٍ للناظر ، وأكلة للغاصب .

ألا وإنّ الدعي بن الدعي ـ يعني ابن زياد ـ قدْ ركز بين اثنتين ، بين السلة والذلّة ، وهيهات منّا الذلّة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ، وحُجور طابت وحجور طهرت ، وأُنوف حمية ، ونفوس أبية ، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام ، ألا وإنّي زاحف بهذه الأسرة على قلّة العدد وخذلان الناصر ) .



خطبة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ليلة عاشوراء
روي عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) أنّه قال : جمع الحسين ( عليه السلام ) أصحابه ، بعد ما رجع عمر بن سعد ، وذلك قرب المساء ، فدنوت منه لأسمع ، وأنا مريض ، فسمعت أبي وهو يقول لأصحابه :

( أثني على الله تبارك أحسن الثناء ... أما بعد : فإنّي لا أعلم أصحاباً أولى ولا خيراً من أصحابي ، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي ، فجزاكم الله عنّي جميعاً خيراً ، ألا وإنّي أظن يومنا من هؤلاء الأعداء غداً ، ألا وإنّي قد رأيت لكم ، فانطلقوا جميعاً في حلّ ، ليس عليكم منّي ذمام ، هذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً ، وليأخذ كلّ رجل بيد رجل من أهل بيتي، ثمّ تفرّقوا في سوادكم ومدائنكم ، حتّى يفرّج الله ، فإنّ القوم إنّما يطلبونني ، ولو قد أصابوني لهوا عن طلب غيري ) .

فأبوا ذلك كلّهم .

علي الشاهين
11-18-2013, 02:08 PM
جزاك الله الف خير

في ميزان حسناتك

jaroo7
03-06-2018, 03:35 PM
الله يعطيك العافيه