عرض مشاركة واحدة
قديم 03-12-2024, 05:18 AM   #2
نور الحسني.
مراقبة عامة


الصورة الرمزية نور الحسني
نور الحسني غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1060
 تاريخ التسجيل :  Sep 2022
 أخر زيارة : يوم أمس (09:05 AM)
 المشاركات : 584 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Iraq
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Sienna
شكراً: 0
تم شكره 4 مرة في 4 مشاركة
افتراضي






* أعمال الليلة الأولى
تقدم الحديث بالتفصيل عن أعمال الليلة الأولى في عمل آخر يوم من شعبان، وأورده هنا بتمامه.
أما ما يتعلق بالليلة الأولى من شهر رمضان المبارك، فالمطلوب أولاً، أن نهتم قبل حلولها أو أول حلولها بالإستهلال فنكون جاهزين للإستهلال قبل غروب الشمس.
والإستهلال كما ذكرت في أول شهر رجب وأول شهر شعبان، ينبغي أن نوليه أهمية قصوى حتى في غير شهر رمضان المبارك لأننا عندما نجد عملاً معيّناً في اليوم الفلاني من ذي القعدة أو اليوم الفلاني من محرم، فإن الدقة في الإتيان به تستدعي الإهتمام بضبط أول الشهر خصوصاً هلال شهر رمضان المبارك.
ثم إن هذه الليلة الأولى هي افتتاح هذا الموسم الإلهي، موسم شهر رمضان المبارك، وبما أن كل التركيز على شهري رجب وشعبان من أجل شهر رمضان، وها قد أطل الشهر الكريم العظيم، فكيف نستقبله؟

لقد كان كل ما تقدم من اهتمام بمراقبة النفس والعبادة، من أجل أن نرفع من مستوى تفاعلنا واستقبالنا لشهر الله تعالى.
للساعات الأولى من الضيافة – أي ضيافة – أهمية خاصة، قد تترك ظلالها على كل فترة الضيافة، وقد تتحكم بالنتائج التي تحصل منها، ولابد للقلب من التنبه بامتياز لهذه الخصوصية، فيغتنم فرصة مستهل ضيافة الرحمن، ويأخذ بنصيب وافر من الدعاء، لاسيما وأن أجواء شهر الله تعالى لم تلوَّث بعد بذنوبه ولا بذنوب غيره، وإن كان، فما تزال الأمور في بداياتها، وليحذر القلب من أن يكون حاله كحال من شارك في ضيافة، وعندما أزفت ساعة الدخول إلى رحاب صاحب الدعوة انشغل عنه بأمور هامشية، رغم أنه يرى الجميع منصرفين إلى السلام عليه والحديث معه، والقيام بفروض التحية والإحترام.

إذا تنبه القلب لذلك عرف أن أول ليلة من شهر رمضان جديرة بالإستعداد لها لاغتنام كل ما أمكن من لحظاتها.
في ضوء ذلك يجدر أن نأخذ نصيبنا الوافي من بركات الإقبال والتوجه في فترة استقبال الشهر الكريم.
وقد وردت لليلة الأولى التي هي مستهل هذا الموسم الإلهي ومفتتحه،أعمال خاصة،وفيها يعتق الله تعالى أعداداً كبيرة من الخلق، فهل نعمل بما يرفع من مستوى رجائنا أن تكون رقابنا من بين تلك الرقاب؟

عن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا كانت أول ليلة من شهر رمضان غفر الله لمن شاء من الخلق، فإذا كانت الليلة التي تليها ضاعفهم، فإذا كانت الليلة التي تليها ضاعف كل ما أعتق حتى إذا كانت آخر ليلة في شهر رمضان ضاعف مثلما أعتق في كل ليلة".و في بعض الروايات ورد أن عدد من يعتقهم الله تعالى في الليلة الأولى كبير جداً وفي الليلة الثانية يضاعف العدد، وكذلك في الليلة الثالثة، وهكذا إلى آخر ليلة من شهر رمضان فيصل العدد كما هو واضح إلى ملايمكن لنا تصوره.

وقد أورد الشيخ المفيد عليه الرحمة والرضوان، في أماليه مايلي:" وإن لله تعالى في آخر كل يوم من شهر رمضان عند الافطار ألف ألف عتيق من النار، فإذا كانت ليلة الجمعة ويوم الجمعة أعتق في كل ساعة منهما ألف ألف عتيق من النار وكلهم قد استوجبوا العذاب، فإذا كان في آخر [ يوم من ] شهر رمضان أعتق الله في ذلك اليوم بعدد ما أعتق من أول الشهر إلى آخره ".

عندما يهتم الإنسان بعتق رقبته من النار ويفتتح هذا الموسم الإلهي بطلب الرحمة فإنه يعبّر بذلك عن يقظة وتنبّه خاصين، وعن خروج من الغفلة، فيصبح أكثر استحقاقاً للرحمة الإلهية ويختلف حاله جذرياً عمّن يمضي هذه الليلة غافلاً عن افتتاح الموسم الإلهي الكبير، موسم الضيافة الخاصة والرحمة الأوسع، ورحم الله من بذل قصارى جهده في الدعاء لغيره، فإن في ذلك مظنة قبوله وقضاء جميع حوائجه.

وفي أدب الدخول إلى ضيافة الرحمن، قال السيد:" ويكون على الجالس (في هذه الضيافة) المخالف لصاحب الرسالة، آثار الحياء والخجالة، لأجل ما كان قد أسلف من سوء المعاملة لمالك الجلالة، وليظهرْ عليه من حسن الظن والشكر للمالك الرحيم الشفيق كيف شرَّفه بالإذن له في الدخول والجلوس مع أهل الإقبال والتوفيق إن شاء الله تعالى ".

أضاف السيد عليه الرحمة والرضوان:"واعلم انني لما رأيت ان شهر رمضان أول سنة السعادات بالعبادات، وأن فيه ليلة القدرالتي فيها تدبير أمور السنة وإجابة الدعوات، اقتضى ذلك أني أوَدِّع السنة الماضية وأستقبل السنة الآتية بصلاة الشكر كيف سَلَّمني من أخطار ذلك العام الماضي، وشرفني بخِلَع التراضي وأغناني عن التقاضي، وفرَّغني لاستقبال هذا العام الحاضر، ولم يمنعني من الظفر بالسعادة والعبادة فيه بمرض ولا عرض باطن ولا ظاهر. ".." ثم إنني أحضر هذاالكتاب، عمل شهر الصيام، وأُقبِّله وأجعله على رأسي وعيني، وأضمه إلى صدري وقلبي، وأراه قد وصل إليّ من مالك أمري ليفتح به علي أبواب خيري وبري ونصري، وأتلقاه بحمدي وشكري وشكر الرسول الذي كان سببا لصلاح أمري، كما اقتضى حكم الإسلام تعظيم المشاعر في البيت الحرام وتقبيلها بفم الاحترام والإكرام. ".." ثم إنني أبدأ بالفعل، فاسأل الله جل جلاله العفو عما جرى من ظلمي له وحيفي عليه، وكلما هونت به من تطهير القلب وإصلاحه لنظر الله جل جلاله إليه، والعفو عن كل جارحة أهملت شيئا من مهماتها وعباداتها والإجتهاد في التوبة النصوح من جناياتها والصدقة عن كل جارحة بما تهيأ من الصدقات، لقول الله جل جلاله:إن الحسنات يذهبن السيئات.أتصدق عن أيام السنة المستقبلة عن كل يوم وليلة برغيف، لأجل ما رويناه من فضل الصدقة وفائدته".

وينبغي للمؤمن أن يعطي الأولوية المطلقة بدءاً من أول هذه الليلة، لقراءة القرآن الكريم، وذكر الله تعالى وخاصة الإستغفار، اللذين ورد الحث عليهما بعناية خاصة في جميع أوقات شهر الله تعالى.

عن الإمام الصادق عليه السلام: " إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض " فغرة الشهور شهر الله وهو شهر رمضان وقلب شهر رمضان ليلة القدر، ونزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان فاستقبل الشهر بالقرآن ".
وعنه عليه السلام:" قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: عليكم في شهر رمضان بكثرة الإستغفار والدعاء فأما الدعاء فيدفع به عنكم البلاء وأما الإستغفار فيمحو ذنوبكم ".

ويتضح بالتأمل في الروايات - وماذكره السيد ابن طاوس عليه الرحمة في تطبيقها- أهمية مراعاة هذا التسلسل في أعمال هذه الليلة:
1- أدعية رؤية الهلال وهي كثيرة جداً وقد استظهر السيد في الإقبال في استقصائها،فلتراجع، وسيأتي بعضها.
2- الغسل. وينبغي الإتيان به مقارناً للغروب.
3- الصلاة الواجبة، وصلاة الشكر.
4- زيارة سيد الشهداء عليه السلام، والأصل الزيارة من قرب، ولاتترك الزيارة من بُعد.
5- أدعية الليلة.
6- الصلوات الخاصة.

* الدعاء عند رؤية الهلال
أول ما ينبغي أن نستقبل به هذه الليلة المباركة عند رؤية الهلال المبارك هو الدعاء، فقد روي عن الإمام الباقر عليه السلام" كان رسول الله صلى الله عليه وآله، إذا أهل هلال شهر رمضان استقبل القبلة ورفع يديه فقال:" اللهم أهله علينا بالامن و الايمان، والسلامة والاسلام والعافية المجلل، والرزق الواسع ودفع الأسقام، أللهم ارزقنا صيامه وقيامه وتلاوة القرآن فيه، أللهم سلمه لنا وتسلمه منا وسلمنا فيه".

وفي رواية ثانية: أللهم أهِلَّه علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والعافية المجلل،ة والرزق الواسع ودفع الأسقام، والعون على الصلاة والصيام والقيام، وتلاوة القرآن، أللهم سلّمنا لشهر رمضان وتسلّمه منا وسلّمنا فيه حتى ينقضي عنا شهر رمضان وقد عفوت عنا وغفرت لنا ورحمتنا.

كذلك ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: كان علي عليه السلام، إذا كان بالكوفة يخرج والناس معه يتراءى هلال شهر رمضان (أي ليستهل) فإذا رآه قال: "أللهم أهِلَّه علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام وصحة من السقم وفراغ لطاعتك من الشغل واكفِنا بالقليل من النوم، يارحيم".

وهكذا نجد أننا أمام عناوين أساسية تحدد لنا ما ينبغي لنا أن نهتم به في شهر رمضان المبارك،وهو كما يلي:
1- القيام فيه، وعلى الأقل نهتم بالدعاء للتوفيق للقيام، وطلب ذلك من الله عز وجل، والمراد بالقيام الصلاة والتهجد.
2- الدعاء للتوفيق للصيام وهو يشمل، التوفيق لأصل الصوم، ثم لقبوله.
3- وتلاوة القرآن، فهو شهر القرآن الكريم، ومن أمضى الشهر ولم يكن له مع كتاب الله تعالى شأن خاص، فخسارته كبيرة جداً.
4- والحرص على الأمن والإيمان والسلامة، وهي مفردات متلازمة، فلا أمن ولا سلامة إلا بالإيمان.
5- وينبغي أن نقدم الدليل على صدق العزم في ما نطلب من الله عز وجل فنطلب بصدق أن نكتفي بالنوم القليل،إدراكاً لأهمية الشهر الإستثنائية، وانسجاماً مع الإعتقاد بواجب اغتنام الفرص،والتعرض للنفحات الإلهية وعدم الإعراض عنها بتقطيع الوقت بالنوم، مما نكون النتيجة معه هو النوم في شهر رمضان أكثر من أي وقت آخر، وربما كان ذلك من علامات سوء التوفيق.

إننا أمام فرصة إلهية فريدة لا يصح أن نضيع شطراً منها بالنوم الذي إن زاد على حاجة الجسم فلا داعي له إطلاقاً، فينبغي أن يعرف الصائم المقدار الضروري لجسده من النوم، ليتفرغ للعبادة.

* الغُسـل
من مستحبات الليلة الأولى من شهر رمضان المبارك، الغُسل،فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "يستحب الغسل في أول ليلة من شهر رمضان وليلة النصف منه" وتحدد رواية وقت هذا الغسل "أول الليل" وفي رواية ثانية أنه " بين صلاة المغرب والعشاء "ولكن السيد ابن طاوس اختار أن وقته " قبل العشاء".
كما تتضمن رواية ثالثة فائدة هامة لهذا الغسل في أول ليلة من شهر رمضان، وهي أن من يصاب عادةً بالحكّة في جسده فإنه باستطاعته أن يداوي هذه الحكّة بهذا الغسل المستحب.

عن الإمام الصادق عليه السلام: "من أحب أن لا يكون به الحكّة فليغتسل أول ليلة من شهر رمضان فإنه من اغتسل في أول ليلة منه لا يصيبه حكّة إلى شهر رمضان من قابل".وفي رواية أخرى ذكر طريقة خاصة للغسل في هذه الليلة:عن الإمام الصادق عليه السلام: " من اغتسل أول ليلة من شهر رمضان في نهر جارٍ ويصب على رأسه ثلاثين كفاً من الماء، طَهُر إلى شهر رمضان من قابل".

* صلاة الشكر
عن الإمام الصادق عليه السلام: إذا أنعم الله عز وجل عليك بنعمة فصل ركعتين، تقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد، وتقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب وقل يا أيها الكافرون، وتقول في الركعة الأولى في ركوعك وسجودك: ألحمد لله، شكراً شكراً وحمداً، وتقول في الركعة الثانية في ركوعك وسجودك: " ألحمد لله الذي استجاب دعائي وأعطاني مسألتي".

والنية التي تنبغي في هذه الصلاة في بداية شهر رمضان، كما تقدم في كلام السيد، شكر الله تعالى على نعمة السلامة من أخطار السنة الماضية، ونعمة التوفيق للدخول في هذه السنة الجديدة، والإذن بالمشاركة في ضيافته سبحانه، والتوفيق للصيام.



 

رد مع اقتباس